غصني النازف. قصيدة للشاعر عماد الدين التونسي من تونس

غُصْنِي النَّازِفُ

وَجَعٌ وَ بِالرَّمْضَاءِ غُصْنِي النَّازِفُ
إِنِّي لَفَحْتُ الثِّغْرَ مِنْهُ الرَّاجِفُ 

سَأَظَلُّ نُورًا فِي الْبِقَاعِ السَّاطِعُ 
حَتَّى وَ إِنّْ سَادَ الرَّمَادُ الْوَاجِفُ 
 
مِثْلَ الْشُّرُوقِ بِرَبْوَةٍ فِي لَهْفَةٍ 
لِلْغَيْثِ  عَنْدِي الْعَهْدُ أَبْقَى الزَّاحِفُ 
 
وِبكُلِّ لَيْلٍ لِلنُّجُومِ أَنَا السَّمَا 
بِالْحَرْفِ أعْلُو وَ الْكَثِيبُ الْهَادِفُ 

الرَّهْطُ يَهْزَأُ أَنَّ حُلْمِيَّ  مُضْحِكٌ 
بِالْحِبْرِ رَدِّي كَمْ وَ أَنْتَ السَّاخِفُ

بِالْقُعْرِ رَسْمُكَ  بَاكِيًا يَا لَيْتَنَا 
يَا لَيْتَ أَهْجُرُهَا فَسَهْمِي الْقَاذِفُ  

وَ أَهَمُّ مَا هَمَّ الْهُمَامُ هَوِيَّةً 
لِلْمُزْنِ مَا إِنْفَكَّ الْمُرَابِطُ جَاذِفُ 

يَا نَخْلُ أَرْجُوكَ اِسْتَزِدْ بِتُمُورِكَ 
وَالْقَحْطُ رَجْمًا بِالْنَّوَى يَا خَاذِفُ

لَوْ أِزْرَعُ الْوَجْهَ الْمُسَافِرَ رَوْضَةً 
فَالزَّهْرُ عَانَقَهُ الرَّصَاصُ الْحَارِفُ
   
بِلْقِيسُ صَبْرًا لَا تُبَالِي إِنَّنِي 
ضَوْءٌ أُلَاحِقُهُ الْغُرَابُ الْخَارِفُ

شَمْسُ الْرِّيَادَةِ قَدْ رَفَعْتُهَا رَايَةٌ
بَلْ تَاجَ فَخْرٍ يَا الْعُذُوقُ الشَّارِفُ 
 
الْشَّوْقُ صَمْتٌ يَنْطِقُ فَلْتَسْمِعُوا 
إِنِّي الْحَنِينُ وَ بِالسِّرَاطِ الْذَّارِفُ 

فَإِذَا الدُّفُوفُ قَدْ تَنَادَتْ مَرْحَبًا 
كَمْ نَغْمَةً يَا أُمُّ عَزْفِي الْيَارِفُ

أَيْنَ الْحَضَارَةُ يَا هَجِينًا أَصْلُكُمْ 
نَحْنُ الْخِطَابُ وَ لِلْعُصُورِ الطَّارِفُ

إِبْلِيسُ قَدْ نَكَحَ الْنِّعَاجَ بِطَوْفَةٍ 
هَبَّ وَ مِنْ نَسْلِ الْلِئَامِ الْقَارِفُ

الْقِرْدُ كَالْخِنْزِيرُ وَ الدُبُّ الْذِّي 
رَقَصَ وَ رَقْصُهُ بِالْإِمَارِةِ غَارِفُ

أَشْبَاحُ فِرْعَوْنٍ سَعَوْا بِمَخَازِنٍ 
وَ أَحَلُّوا أَلْوَانَ الدَّمَارِ الْعَاسِفُ

رُهْبَانُهُمْ مَنْ مَارَسَ التَّزْوِيرَ وِزْرُهُ 
بِالْجِنْسِ وَ الْنَّهْبِ تَمَادَى الصَّارِفُ

حَرَقُوا الْمَدَائِنَ ظِلُّهُمْ دُولاَرُهُمْ
وَ مَنَاصِبٌ بِمَجَاهِلٍ يَا الْعَارِفُ

لاَ رِحْلَةٌ بَلْ عُزْلَةٌ فِي الْخَيْمَةِ 
قَدْ هَاجَ كُلَّ الْرَّمْلِ كَرْبٌ نَاسِفٌ

شَيْطَانُهُمْ مُتَآمِرٌ بِحِيَاكَةٍ 
أَوَّاهُ كَمْ لِلْمُنْشِدِينَ الْعَازِفّ

تَبًّا وَ سُحْقًا غَدْرُكُمْ عُقْمٌ سَرَى 
بِالْحَرْثِ مِثْلَ السَّامِ أَمْسَى الْحَارِفُ

أَيْنَ الْقَصِيدُ أَيَا حُرُوفَ الشَّاعِرِ 
قَدْ تَاهَتِ الْأَنْغَامُ ضَاعَ الْكَاسِفُ

فَقُلُوبُنَا لَحْنٌ لِتَرْتِيلِ الضُّحَى 
بِدُمُوعُنَا آهٌ وَ نَدْبٌ نَاسِفٌ

أَفْكَارّنَا يَا نُطْفَةً مِنْ زَهْرَةٍ 
كَيْفَ وَ بَعْدَ الْمِسْكِ يَبْقىَ الْآسِفُ
 
وَشِتَاتُنََا لَا يَقْوَى إِنَّهُ هَائِمٌ 
غَوْثًا بِعَبْدِ الْلَّهِ قَالَهَا يُوسُفُ 

يَا عِتْرَةَ الْأَخْيَارِ إِنَّا نَرْتَضِي 
عَفْوًا وَ مِنْ قُبْحِ الصَّنِيعِ الْخَاسِفُ

إِنْهَضْ عَلِيٌّ نَهْجُكَ كَمْ يَهْطُلُ 
فَالْغَيْمَةُ الْحُبْلَى بَلَاغُ السَّالِفُ

مِنْ قَطْرَةٍ بَلْ نَبْعَ نَسْلاٍ  لِلْوَرَى 
بِالقِسْطِ يَا بَحْرُ وَصَفْتَ الظَّارِفُ

فَالْلَّهُ يَبْقَى حَسْبُنَا نِعْمَ الْوَكِيلِ 
وَمَنْ يُقَايِضُ بِالْقَضَاءِ الْعَاسِفُ

هَذَا الْبَيَانُ فَجَهِّزُوا أَقْلَامَكُمْ 
عُودُوا وَ كُونُوا لِلْكِتَابِ الْرَّاسِفُ
بَحْرُ الْكَامِلِ

عماد الدين التونسي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عناق .. قصيدة للشاعر اليمني د. جلال أحمد المقطري

جنون قصيدة للشاعر د. جلال أحمد المقطري من اليمن

مع القافيه .. قصيدة للشاعر د. جلال احمد المقطري من اليمن