نمنمت بوحاً.. قصيدة للشاعر هاني درويش أبو نمير من سورية

نُمْنًمتُ بوحاً لِما في البالِ يَخْتَمِرُ\\فَجاءَ سطريْ بمسكِ الصِّدقِ يعتَطِرُ

أُخاطِبُ الذَّاتَ أَحياناً وَ فيْ خَلَديْ \\  أنِّي أُخاطِبُ مَنْ في النَّاسِ يَعتَبِرُ

خمسُ وستونَ تاريخٌ وَيَحْشُدُ لي\\ما راكَمَ الوَعيُ والأيامُ مُخْتَبَرُ

رأيتُ أنَّي نتاجٌ ساء َمُنْتِجُهُ \\مبنى ومعنىً بِهِ الإنسانُ مُحتَقَرُ

كم شيَّأتني تفاصيلُ الحياةِ وكمْ \\نَفَرتُ رَفضاً وَضِدِّيْ كلُّ مَنْ قَدِروا

اللهُ والشَّرعُ والقانونُ واحتَشَدَتْ \\كلُّ التَّفاصيلِ تأليهاً لِمَنْ فَجَروا

هذا وأسرفَ ذو شأنٍ يُقَرِّعُني \\يقولُ هوناً فَقَدْ شَطَّت ْبكَ الفِكَرُ

لم تلقَ إلا عيوباً ساءَ فاعلُها \\هلا رأيتَ خصيباً راح يزدَهِرُ

فقلتُ: وعيي أراني الخصبَ مزدهراً \\أمَّا الغلالُ فمَنْ يا أنتَ يحتَكِر

من ذا يَلِصُّ ولم يفتأ يحاسِبُني \\على النَّوايا ولا يبقي ولا يَذَرُ

من ذا المُهيمِنُ يا ذا الشأنِ مَنْ بِدَمي\\ولقمة العيش في الأوطانِ يتَّجِرُ

من أغرقَ السَّمعَ بالآمالِ كاذبَةً\\فوقَ المنابرِ حتَّى ضَجَّتِ الزُّبُرُ

من أطلَقَ الغولَ من موصود ِقمقمهِ \\وقالَ هبوا لدفعِ الغولِ وانتحروا

لا لا تُجِبني فإنِّي بِتُّ أعرِفُهُ \\ذات الجوابِ بتبريرٍ لهُ أُطُرُ

روحي تئنُّ ولا أُفقاً يلوحُ لها \\بأيِّ حلٍّ وهذا الفكرُ مُنتَشِرُ

فكرُ الظَّلامِ وتقطيعٌ لأعمِدَةٍ \\حصدُ المواطِنِ منها الخُسرُ والخَدَرُ

حشدُ التَّمَذْهُبِ ترسيخاً لما وَرِثَتْ \\هذي الجموعُ له فعلٌ ويستَعِرُ

لا تغرقوا الرأسَ في رمل وقائلُكُم \\(أنَّ الأمور َ بخيرٍ) كاذِبٌ أشِرُ

الخير ليس بما اختارتْ شرائعكمْ \\منَ الفظائع والتَّجهيلُ مؤتَمِرُ

والوعيُ ضِدٌّ وكم سيمَ الذين دعوا  \\للوعيِ قمعاً وترهيباً وكم هُجِروا

وكم تَقَطَّعَ فيهمْ أيُّما سببٍ \\كي لا تصيرَ إلى غاياتها الفِكَرُ

هذا الخصيبُ الذي ساءت منابتهُ  \\بما بذرتم بأرضٍ ليسَ تَدَّخر

يدري المُزارعُ أنَّ الأرضَ تُنبِتُ ما \\بذرتَ فيها ألا كم ساء ما بَذَروا

وزادَ سوءاً قَميءٌ راحَ ممتَدِحاً \\فعلَ الفسادِ وتمجيداً لِمَنْ أَشِروا

بوقٌ يؤذِّنُ في الأرجاء حيَّ على  \\وأدِ الحقائقِ بالتّدَليسِ يا بَشَرُ

حتى غدونا نرى شرقاً بمغربنا \\أوِ الخريفَ ربيعاً خُضْرُهُ صُفُرُ

والقتلَ شُرعَةَ رحمنٍ يقالُ لهُ  \\ربُّ البَريَّةِ والأرحامُ تُزدَجَرُ

يا ذا المُفَوَّه يا ذا الشأنِ تنهرني \\إذا أبنتُ الذي ما عادَ يستترُ

ما كنتُ إلا عيوناً شاهَدَت فوعَتْ \\بعدَ الأُمورِ بقلبِ كادَ ينفَطِر

الأرضُ ارضي وقومي القاطنون ولي \\شأنٌ وتكبرُ آمالي وأنتَظِرُ

سخَّرتُ حرفي لحبِّ الناس أرسُمُهُ \\فوقَ البَياضِ خطاباً ما بهِ هّذَرُ

ضَمَّنْتُهُ الصِّدقَ لا زُلفى ولا \\طَمَعاً بالاشتهارِ ولا التشهيرُ لي وطرُ

هاني درويش \أبو نَمير\
من مجموعة \\منمنمات من وحي الحَدَث\

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عناق .. قصيدة للشاعر اليمني د. جلال أحمد المقطري

جنون قصيدة للشاعر د. جلال أحمد المقطري من اليمن

مع القافيه .. قصيدة للشاعر د. جلال احمد المقطري من اليمن