الشعر الحديث. قصيدة للشاعر نواف عبد العزيز
الشعر الحديث
أيـن أنـتَ الـيـومَ مِـنّـي يـومَ أمـسِ إذْ تَـقَـحَّـمْـتُ الـقـوافـي دون تُــرْسِ
أيـن شـعـرٌ قـلـتَـه مـن غـيـرِ مَـعْـنـى مـن مَـعـانٍ صِـغـتُـهـا مـن غـيـرِهـمْـسِ
لـيـس كـلُّ الشـعـرِ إنْ لـم تَـدْرِ شـعـراً فـكـثـيـرٌ مــنــه لا يُـشْـرى بـفَـلْـسِ
لا تـقـلْ لـي إنّـه شـــعـرٌ حــديـثٌ بِـئـسَ هـذا الـقـولُ مـن زورٍ و دَ سِّ
لا تـقـلْ لـي إنّـه الـتـطـويـرُ سَـعْـيـاً لـلـقـوافـي حُــرَّةً مــن غــيــرِ حَـبْـسِ
لا تـقـلْ لـي إنّـه الإلـهـامُ فـي وَحْـ ـيٍ صـريـح ٍ لـيـس يَـخْـفـى مِـثْـلُ شَـمْـسِ
لا تـقـلْ لـي إنّـه الـتـجـد يـدُ فـي ثـو - بٍ بَـهِــيٍّ لـيـس يَـبْـلـى بـعــدَ لُـبْـسِ
* * *
إنّـه شـــعـرٌ كـمـا اسْـتَـدْرَكْـتَ حُــرٌّ لـيـس عــبــدا لا لِــفِـكْــــرٍ أو لِـحِـسِّ
أَيـكـونُ الـحُــرُّ رِقــاًّ لـلـقــوافـــــي مـثـلَـمـا قـد كـان يـومـاً صَـقْـرُ عَـبْـسِ
إنّـه الـتـطـويـرُ فــــي دربٍ قـويـمٍ غــيــرَ أنَّ الـدربَ مَـسْـلـوكُ بِـعَـكْـسِ
إنّـه الـتـجـديـدُ مــن ثـــوبٍ بـديـــعٍ لِــرَقــيــع ٍ فَـــخَــســـيــــسٍ فَــأَخَــسِّ
بـئـسَ مـا حِـكْـتُـمْ مَـتـاعـاً شِبْهَ حِـلْـسِ بـئـسَـهُ ثـوبـاً رَثـيـثــاً يـومَ عُــرْسِ
بـئـسَ مـا يُـلـقـى إلـيـكُـمْ مـن أَمـانـي بـئـسَ ذا الإلـهـامُ مـن وَحْـيٍ وحَـدْسِ
* * *
بـل عَـيـيـتُـم عـن صُـعـودٍ لـلـثُـرَيّــا وعَــجَــزْتُــمْ أنْ تَـطــالـوهـــا بِـلَـمْـسِ
وسَــقِـمْـتُـمْ بـعـدَ لَأْيٍ جِـــدِّ مُـضْـنٍ واعْـتَـذَرْتُــمْ بِــاجْــتِـهــادٍ بـعــدَ يَـأْسِ
إنّـهـا تـلـك الـثّـرَيّــا مـثـلُ هــذي الـ أرضِ مـن صـخـرٍ ومـن رمـلٍ ودَهْـسِ
فَـعَـدَلْـتُـمْ عـن مُـنـىً أمـسـتْ خَـيـــالاً ورَجَـعْــتُــمْ لـلـثَّــرى نَـبْـشـــاً بـفَـأْسِ
وتَـبَـدَّ لْـتُـمْ بِـبَـيْـتِ الـشـــعـرِ أَنْـقـــــا ضـاً كـأحـجـارٍ تَـهـاوَتْ بـعــدَ خَـفْـسِ
فـالـقـوافـي عــنــدَنــا عِــقْــدُ جُـمـانٍ نُـظِّـمَـتْ فـيـهـا الـلّآلـي نَــظْـمَ سَـلْــسِ
وهْـيَ فـي مَـنْـظـومِـكُـمْ أمـسَـتْ نِـثـاراً مـثــلَ أطـلالٍ تَــعَــفَّــتْ بـعــدَ دَرْسِ
كـيـف تَـسْـتَـغْـنـونَ عـن قـصـرٍ مَـشـيـدٍ لـيـس يُـعْـلـى بِـخَــرابٍ بَـلْـهَ رَمْــسِ
لا تَـظُـنَّــنَّ الــقـوافــي لُــعْــبَــةً تَـلْــــ ــهـو بـهـا إنّـي أرى فـي الـشـعـرِ نَـفْــسي
إنّــــــــه مِـــــرْآةُ روحٍ وفُــــــؤادٍ ومَــرايــاكُــمْ أراهــــا غــيــرَ مُـلْــسِ
زُيِّـفَـتْ فــيـهـا الـمـعـانـي أَيَّ زَيْـفٍ نُـكِّـسَـتْ فــيـهـا الـمَـبـانـي شَـرَّ نَـكْــسِ
لـيْـتَـكُــم لــم يَـتَـفَــوَّهْ مــنــكُــمُ مَــنْ قـــد تَــوَلّاكُـم و كـنـتُــم مِـثــلَ خُــرْسِ
لَـحَـظـيـتُـم بـالــرِّضى كُـرمـى سُـكـوتٍ و تَــبَــدّى الـبِـشْـرُ مِــنْ جِــنٍّ و إنْــسِ
إنَّــمــا الـشِّـــعــرُ عَــمــودٌ و رَوِيٌّ و مـعــانٍ جُــلِّــيَــتْ مِــثــلَ الـدِّمَـقْــسِ
إنَّــه صَــرْحٌ تَــعَــلّــى فـي شُــمـوخٍ بُــنِــيَــتْ أركـانُـــه مِــنْ بَــعـــدِ أُسِّ
و عَـلا حـتّـى اسْـتـبـاحَ الـنَّـجْـمَ ظَـهْــرًا و الـسّــمـاءُ اسْــتُـدْنِـيَـتْ مِــنــهُ بِـمَــسَّ * * *
ولَـكَـمْ نـادَمْـتُ مـن تـلـك الـثُّـرَيّــا مـن صـديـقٍ فـي لــيــالٍ جِــدَّ غُـلْــسِ
وجَـلَـوْتُ الـلـيـلَ بـالـشـعـرِ الـمُـقَـفّــى وجَــلا بـالـشـيـبِ لـيـلٌ شَـــعْـرَ رَأْسـي
لا تَـظُـنَّــنَّ الــقـوافــي لُــعــبــةً تـلـــ ـهـو بـهـا إنّـي أرى فـي الـشـعـرِ نَـفْــسي
لـيـس كـلُّ الشـعـرِ إنْ لـم تَـدْرِ شـعـراً فـكـثـيــرٌ مــنــه لا يُـشْـرى بـفَـلْـسِ
م . نواف عبد العزيز أبو عبادة 1988
تعليقات
إرسال تعليق