وداعا سيدي الوالد. قصيدة للشاعر السوري محي الدين محمد
.. إلى روح والدي في ذكراه....
.. الرحمة والمغفرة والسلام..
قصيدة كتبتها بمناسبة مرور اربعين يوماً على وفاة والدي الشيخ عباس سليمان محمد عمار في عام ٢٠٠٨ م /حلبكو /
وانشرها اليوم بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة عشر ...بعنوان
... وداعا سيدي الوالد....
يفارقنا الحبيب بلا وداع
وتعلو الروح لطفاً في نزاع
ألا للموت ما أقساه أمراً
بغيبة من نحب ولم يراعي
فيأتي سهمه في نصب عين
بلا خطأ وبالأمر المطاع
بفقدك والدي أغدو حزينا
جريح القلب ينزف بالتياع
وأقضي العمر منفردا وحيداً
وما في الصدر أكبر من دواع
وموج العمر يقذفني بعيداً
أرى سفني تتيه بلا شراع
وقد أبدو بلا هم وحزن
كمن يخفي الحقيقة في قناع
فتسألني الأحبة في عتاب
كأن القلب يخلو من جزاع
وما يدرون كم يؤلمه جرح
ونار الحزن تنبئ باندلاع
تنادي طفلتي جدي حبيبي
يباعدنا تراب بامتناع
وتبكي زوجتي عماً حنوناً
يذكرها أباً زمن الضياع
أعني يا حبيبي أنسَ جرحي
ويبكيني بعيني واليراع
بدأت العمر في تعب وكدٍّ
فأطفال تزقزق من جياع
فمن سفر إلى سفر بعيد
لكسب العيش دوماً في صراع
وأطعمت الصغار بحب رب
فكانوا في استقام وانتفاع
رحلت عن الديار أباً كريماً
عفيف النفس صلباً كالقلاع
جسوراً سيداً في كل رأيٍ
لخلٍّ صادقٍ رحبِ الذراع
بقول الحق لا تخشى أناساً
وإن وصفوك صعباً في الطباع
صدقت العهد في عقد الولاء
ولبيت الإجابة من رضاع
فلم تقبل مساومة وأجراً
فغير الحق يكمن في خداع
ولم تقبل مجاملة رياء
فدين الله أولى في اتباع
وتزهد عابداً طلقت دنيا
لتلقى الله في حسن اصطناع
فيا زين الرجال بصدق حب
لمعتقد فلا يثنيك ساعي
سميّ الجد عباس الجواد
علا شرفاً وقدراً في تباع
سليل محمد قمر البلاد
زهى نوراً كبرق بالتماع
بنى مجداً (لحلبكو) وعزاً
فأضحى ذكرها في كل قاع
وأصل المجد عمارٌ همامٌ
وخاتمه فتى سعود داعي
للمّ الشمل في دين قويمٍ
غدا غيم البغيضة في انقشاع
عرى الإيمان يجمعنا بحب
نميريٍّ مقر كل واعي
وتسألني الروابي والسهول
ونبع العين مع ترب الضياع و(مصياف) الهوى( ربعو)و(زاوي)
وحيدرها يكرم في المساعي
وعمار (بكعبته) و (جرد)
وفي (حيلونة) القوم الرباع
ألا يأتي الحبيب إلينا يوماً
لنلقى الوجه في احلى اجتماع
دموع العين تعطيهم جواباً
بأن النجم غاب عن التلاع
هنيئاً يا أبا النور المعالي
جنان الخلد فزت بها بصاع
رشفت العلم من قطب فخيم
فقد ضاهى الثريا بارتفاع
بني الوقاف اصل وانتماء
ويوسف كنزهم مثل الشعاع
وللخالين في ربعو ولاء
وكانوا للقرابة خير راعي
أحبُّوا الله في قول وفعلٍ
وفي جودٍ كبحرٍ باتساع
ثقاة الدين زائركم مُقرٌّ
بمعتقد الحسين بلا ارتجاع
قضى التسعين في صدق الولاء
مُقرّاً باختراعٍ وابتداع
وهذا اليوم فارقنا إليكم
وفي شوق للقيا واندفاع
على جثمانه تترى صلاةً
ورعدٌ في السماء بلا انقطاع
ولمعٌ بارق بغيوم مزنً
وقرص الشمس يشهد في طلاع
إله الكون يكرمه بعرس
وأصوات السماء إلينا ناعي
ينادي( سيدي) مولاي رحماً
لمن والاك تثليث الرباع لمولى ثابت في حب مولى
وعى ديناً ونهجاً باقتناع
كتاب الله يذكره رجال
وقد صدقوا بعهد واستماع
يرى مولاه يكبر كل شيء
فيصغر دونه ما في البقاع
إلى لقيا الحبيب أحن شوقاً
وما اللقيا بأمر مستطاع
شعور القلب أكتبه قريضاً
ولا حب يعبر في رقاع
فعذراً سيدي الغالي قصوري
يراعي في مداك قصير باع
وما في القلب بعدك من سرورٍ
فبحر الحزن فينا بابتلاع
نجوم الليل تأفل في سمائي
وجسر العمر بعدك بانصداع
عليك سلام ربك في حياة
وفي أخرى وميت في رداع
أعيد البدء في أسف وحزن
يفارقنا الحبيب بلا وداع
وأختم بالصلاة على نبيٍّ
وعترة بيته وعلى التباع
***
بلقمي/ محي الدين محمد
تعليقات
إرسال تعليق