لغتنا العربية. قصيدة للشاعر السوري محمود علي علي
لغتنا العربيةُ
"""
لغةٌ تفرّدت الحروفُ برسمها
وغَدَتْ مَنارَةَ سَائرِ البُلدانِ
غَنَّاءُ تَزهو في البقاعِ بدَوحِها
شَمَّاءُ في الأمجادِ والبُنيانِ
تَروي تفاصيلَ الحَياةِ بدقَّةٍ
من غابرِ الأيامِ والأزمانِ
نَبغَتْ عُقولٌ أوضَحتْ تَرتيبها
وضَعوا الحُروف بِكَفَّة الميزانِ
أَلفٌ مُؤلَّفةٌ تَقودُ جنودَها
ما حَاقها مَسٌّ مِنَ الشَيطانِ
أمَّتْ على كلِّ الحُروفِ وأُفرِدَتْ
عنها ولا تَلقى لها مِنْ ثانِ
لمَّتْ شَتاتَ العُربِ مُذْ نَطَقوا بها
وتَمسَّكوا في نُطْقِها بِتَفانِ
عَرَبُ الشَمالِ مع الجنوبِ تَوحَّدوا
شَرقٌ وغَرْبُ الأصلِ من تَطوانِ
رَسَمَتْ حَضارتَنا وقَدْ فُزْنا بها
في رَوضةٍ وكأنَّنا بِجِنانِ
بَانَتْ عَنِ الأقرانِ في حَرَكاتِها
ومِثالها المَرْصوصُ كالبنيانِ
يُشتَقُّ مِنها أَلفَ أَلفَ مُجلَّدٍ
وهُتونها يأتيكَ كالسَيَلانِ
تَهدي إليها مَنْ يرومُ نَوالَها
ويَفوزُ سَالِكُها على الأَقْرانِ
هي هَالةٌ ضَنَّ الزَمانُ بمِثلِها
قد خَصَّها الرَحمنُ بالقرآنِ
يَرنو لها جَمْعُ النُحاةِ بأنَّها
كالسَهلِ مُمْتَنِعا عن النِسْيانِ
ليلي نَهارٌ مُشْرِقٌ بسَنائِها
أحْبو إلى ليلاي كالهَيمانِ
غَاليتُ فيها إذ أَقولُ مَنارةٌ
بَل إنَّها كَالدرِّ في الرَجَحَان
تُمَّتْ مَلاحَتُها وأُكْمِلَ حُسْنَها
جَلَّتْ عن الأوهامِ والنقْصانِ
الضادُ حَرْفٌ قَدْ تَفرَّدَ رَسْمُه
من مِثلهِ عَجِزوا عنِ الإتيانِ
لاحَتْ لنا من خدْرِها وتَبهْرَجَتْ
في حلَّةٍ كالحورِ والوِلدانِ
قَرَّبْتُ قُرباني لها مُتَضَرِّعاً
فَلَعلَّني أحْظى بها وعَسَانيِ
راياتُها تَعلو على الآفَاقِ في
كَوْنٍ عَلَا بِمِشيئةِ الرَحْمَنِ
آنَسْتُ فيها الأُنسِ حتى قَدْ بَدا
قَمَرُ العُلا قَدْ هَلَّ في شَعبانِ
نُورٌ على نُورٍ حُروفٌ جُمِّعَتْ
نارٌ على الأعْداءِ والخُوَّانِ
أبْجَادُهَا مع هَوَّزٍ في حِطَّةٍ
كَلِمُنْ وسَعْفَصَ قُرِّشَتّ بمعانِ
ثَخَذٌ أتى ضَظَغٌ تلى تُمَّتْ بها
جَمْعُ الحروفِ ورسِّخَتْ ببناني
نَزَلَتْ على خَيرِ البَريّّةِ والوَرى
من سَادَةٍ أَشْرَافُ من عَدْنَانِ
وأخَصَّه الرَحْمَنُ فـِينا رِفْعَةً
قَدْ جَاءَهُ جبْريلُ بالتِبْيانِ
نَشَرَ المَحَبَّةَ والتَسَامُحَ والهُدى
وأَعَزَّهُ الرَحْمَنُ بالفُرقانِ
لُغَةٌ لَها وَقْعٌ على أَسْمَاعِنا
مَنْ رَامَها يَزْدَادُ في الإِيمَانِ
آمَنْتُ بِالله العَليّ وإِسمه
مَنْ رَامَهُ يَنجُو مِن الخُذلان
نَرجو شَفَاعَتَهُ بِيَوم مَعَادنا
مَنْ نَالها يَنجو من النيرانِ
ثُمَّ الصَلاةُ على الرَسُولِ مُحَمَّدٍ
ونَبيّهِ المَشهورُ بالعَدنانِ
محمود علي علي
تعليقات
إرسال تعليق