شيء من السماء.قصة قصيرة للكاتب وليد.ع. العايش
" يوميات رمضان "
- الثامن عشر: شيء من السماء
تحاول الأم أن تطفئ بعضا من البرد بإشعال النار في المدفأة القديمة ذات اللون الأسود الداكن ' ابنها الذي تجاوز العقد الأول من عمره يحاول أن يساعدها ' الدخان لا يلبث أن يحاول الخروج إلى السماء حتى يعود محملا برائحة الحطب والمطر في آن واحد .
كان الصغار الباقين وعددهم ( خمسة ) يتربصون أن تئح النار في المدفأة ' فتسري في شرايينهم وتحرك الدماء التي كادت أن تتجمد ' مازالت المحاولات الهجومية على فتحة المدفأة مستمرة ' لكنها تبوء بالفشل مرة إثر أخرى ' منذ لحظات فقط حضر الأب الأربعيني ليشارك في حفلة إشعال النيران وإطفاء البرد ' اخترع طريقة جديدة وبدأ بالتنفيذ الفوري' فلا شيء يمكن أن يسمح بالتأجيل ' حتى هو كان ( يتكتك. ) من البرد القارس ' ( ابتعدي يا امراة ' ابتعد يا صغير ) ' صمت هنيهة ثم أردف: ( انظروا كيف ستحرقكم من وهجها ' تعلموا كيف تعمل) ...
في الخارج كانت الرياح تنصب حفلة إغريقية ' بينما المطر يرقص على أنغام موسيقى شرقية ممتزجة بالثلج ' لم تستطع العصافير البقاء أكثر على حافة النافذة ' فغادرت مسرعة بعد أن بدأ الماء يثقل ريشها أكثر وأكثر ' البقرة اليتيمة كانت هناك وحيدة مع ابنها الذي جاء منذ أيام قليلة فقط ' هي أيضا لم تستطع أن تلحس جلده الناعم ' فقد تصلد لسانها في سقف حلقها ' كالقرميد في سقوف فارهة .
إذن لابد من أن يرتفع زفير النار ' فالكل بحاجة إليها ' ولابد للرجل الأربعيني وامرأته وطفله أن يستمروا في محاولاتهم رغم عناد الرياح التي كانت تعيد الدخان إلى الغرفة دون أن تسمح له بالمغادرة ' وحينها فقط يمكن للمدفأة أن تشتعل كما سابق عهدها .
رمى الطفل بقطعة قماش صغيرة بعد أن بللها بالوقود وأشعلها بعود ثقاب بائس ' نعم لقد كان عود الثقاب بائسا ' فهو الآخر يعاني أشياء أخرى ربما لا علاقة لها بالبرد .
( اشتعلت ' اشتعلت ' اشتعلت) صرخ الطفل ' صفقت المرأة بحرارة ' ابتسم الرجل ' هلل الأطفال الخمسة ' صمتت الرياح ' تسمر المطر في مكانه ' أينع عود الثقاب ' انفجار كبير حل مكان الجميع ' شيء ما سقط من السماء. .
وليد.ع.العايش
١٨ رمضان/ ٢٠٢٣ م
تعليقات
إرسال تعليق