تقاسيم الوجع. نص للشاعر محمد الدقي من تونس
تقاسيمُ الوَجَعِ
آتي تجُرُّني أنَّاتِي
ترُجُّني زَفراتي
يحْدوني طيْفُ الرّيحِ في كلَّ فجٍّ
أُحدِّبُ مرآتي
أرى ما أراهُ مُكبَّرًا مُتبرِّجًا
في يقْظَتي و سُباتي
و أشُدُّ جذعَ غربتي متلعثمًا
الحلم لغْوي و القصيدُ سُكاتي
آتي
على صهوةِ الغيمِ
أُرتّبُ رنَّةَ الرّعدِ
و أسكبُ فيها آهاتي
أُلْقي في المدى خُطبي
و أغْرزُ فيها راياتي
وأُعسْكِرُ بين الزّلازلِ و الثّباتِ
و أُروّضُ في السّكونِ شواردي
و أُذيبُ في ألقِ النُّواحِ حصاتي
لن يقضِم النسيانُ ذاكرتي
لا الرّيحُ تعوي في جُفُون فلاتي
في حضْرةِ الشّعرِ أكشف جَرْدَ عِلاَّتي:
وجْعُ القَلْبِ بغدادُ
شيبُ الرّأسِ أندلُسُ
ضِيقُ الصّدْرِ بيروتُ
جُرْحي النّازفُ القُدْسُ
و منفاي فلسطينُ
و جنينُ و نابلسُ
و تهويماتي وهْرانُ و تطوانُ
و دمعاتي طرابلسُ
و صنعاءُ و سيناءُ
و يُتمي أنتِ يا حمصُ
و غزّةُ نزلةُ همِّي
و رفْحُ الطَّوقُ و الحبْسُ
و كلُّ العُربِ غلمانٌ
على أبوابها عسسُ
و لكنْ بعدما كشفوا
و لكنْ بعدما جَسُّوا
يقولون : الفتى حيٌّ
و فيه النّبْضُ و الحِسُّ
و في أعماقه وَطنٌ
هواهُ الجهْرُ و الهمْسُ
هي الخضراءُ تؤْنسُنا
هي العنوانُ و النّصُّ
و تونسُ أُفْقُنا الرَّحْبُ
و في أعماقنا الشّمْسُ
و تونسُ موجةٌ حُبْلَى
تُعِدُّ مَدَّنَا العاتي
هنا آتي
على تخوم الصّبْحِ قد داعبْتُ أوقاتي
دشَّنْتُ على جبينِ الشّعْرِ مملكتي:
بآسمِ الدّالِ و المدْلُولِ في لغتي
نسجْتُ ضفائرَ المَوْجِ
بأزمنتي
و أمكنتي
و أجنحتي
و أمتعتي
أَبْري فَيْضَ ملحمتي
أُرَدِّدُ في المدى خُطَبِي
و أغْرِزُ فيها راياتي
و كلَّ الماضي و الآتِي
هنا آتي
على عَجَلِ الكناياتِ
أُسَيِّجُ كفَّ الرّحيلِ
و أَرُشُّ أوْتارَ الهديلِ
و أَصُبُّ حمحمةَ الصَّهيلِ
فوق نار شَتاتي
فإذا احترقْتُ على شفاهِ قصيدتي
رُدُّوا فُتَاتَ الرَّعْدِ في الفلواتِ
و استنسخُوا أَلَقَ الصَّبَاحِ مُطرَّزًا
بشذى الحروفِ و لوْعَةِ الزّفَراتِ
أمْضِي
تجُرُّني خُطُواتِي
و تَرُجُّكُمْ آهاتِي.
محمد الدقي / تونس
تعليقات
إرسال تعليق