شراع الريح .. قصيدة للشاعر السوري محمود علي علي
شراع الريح
"""""""
الريحُ تعصِفنا ونحن الأشرِعَهْ
والظلُ يتبعنا ويلبسُ أقنِعَهْ
نمشي كما شِئنا وما شاءَ الهوى
مهما تفاقمَ لا نهابُ الزوبعَهْ
فالريحُ تعملُ في الرمالِ وإنَّنا
كالصلد والإعصارلا ما زعزعه
إن هبّ في يوم تصدَّينا له
وجذورَنا في العمق دوما مقبِعَهْ
صنديدنا إن حاق مكر كريهة
مثل الفطاحل لا يهاب المعمعه
نحنُ الرواسيَ كالجبالِ شوامخٌ
من رامَ من جبلٍ صعوداً أطلعَهْ
ومِراسَنا صَعبٌ بلوغُ منالهِ
في كلِّ مرتفعٍ أقَمنا صومعَهْ
فيها تعبَّدنا لخالقِنا الذي
خلقَ الجمالَ وفي الغواني أودعَهْ
والزهدُ فينا قد ترسَّخَ شأنهُ
والطفلُ منَّا في سريرٍ أرضَعَهْ
فالحبُ إكسيرُ الحياةِ نعيشهُ
يحيي قلوباً في الحياةِ مصدَّعَهْ
وبساطة في العيش نهواها وما
كنّا لنحيا في قصورٍ مشرعَهْ
في خيمة عشنا وتحت رواقها
ظبيٌ تمدمدَ والروابيَ مرتعَهْ
لا شغلُ يشغلنا بدنيانا سوى
شعرٍ تغزّلَ من محبٍ أبدعَهْ
والشعرُ عندي فطرةً وتجذّرَتْ
وجعلتُ منهُ عباءتي والقبعَةْ
إنّي أنا الفطريُّ في قولي وقد
صرَّفتُ نحويَ والمقالة مُسمِعَهْ
للغانياتِ أحيكُ شالَ زمرّدٍ
والتاجُ ياقوتٌ ودرٌّ رصّعَهْ
فالشعرُ يهمي فوقَ أفنانِ الرُبا
إن مرَّ في روضٍ زها وتربَّعَهْ
عسلٌ أرانيَ قد رشفتُ رضابهُ
من خالصِ للشهدِ صفَّتهُ الجعَهْ
والطيرُ يشدو في روابي دوحِهِ
والصوتُ للمضنى شجيٌّ أدمَعَهْ
والعشقُ فينا قد تجذَّر غَرسُهُ
لله درّهُ صانعُ ما أصنعَهْ
بنسيمهِ قد يبهجُ القلبَ الذي
من قبلُ كانت تحتويهِ القوقعَهْ
إذ صار كالعصفور يبدو طائراً
طوراً وطوراً فوق غصن مفرعَهْ
وربوعنا فيها الزهورُ يوانعٌ
والعطرُ يهمي في الجهاتِ الأربعَهْ
وكرومنا أدلتْ عناقيدَ الهوى
حتّى رشفناها كؤوساً ممتعَهْ
خمرٌ معتقةٌ بخابيةِ المدى
ما مُسَّ طارفها بنارٍ ملذعَهْ
صفراءُ فاقعةٌ ولا عيبٌ بها
تنزو فواقعها وتظهرُ فرقعَهْ
تضفي على لونِ الصفاءِ نضارةً
رقراقةٌ من سلسلبيلٍ مشبعَهْ
مع ثلةِ الأخدانِ نفترشُ الرُبا
والفجرُ باغَتَنا وحتى مطلِعَهْ
قم هاكَها إن كنتَ من عشّاقِها
وارشفْ من الصهباءِ جاماً مترعَهْ
واقصدْ كرامَ الناسِ في زمنِ الردى
واهجرْ عذولاً أو صديقَ المنفعَهْ
يلقوكَ أهلاً إن قدمتَ ومرحَبا
من زارهمْ نالَ الأمانَ ومن معَهْ
فامخرْ عبابَ البحرِ والقطْ درَّةً
واركبْ سفينَ البرِّ واحزمْ أمتعَهْ
وتزوّد التقوى فخيرٌ زادُها
وأخوكَ إن وافاكَ يوماً فارفَعَهْ
واحرصْ على حفظِ العهودِ وصونها
والسرُ في بئرِ المودّةِ موضِعَهْ
ما كلّ من حملَ الأمانةَ صانها
أو كلّ حمّالٍ لسرٍ أودعَهْ
محمود علي علي
تعليقات
إرسال تعليق