أمومة ولكن .. قصيدة للشاعر السوري سمير سنكري

 أمــومـةٌ .... ولـكـن .!!

   سـمعَ بداية حوارهمــا الممــزوج بردة فعـــــل مشوبة بقليـل من العتب .. لفتــاة جامعية في السنة الثانية لقسم الفلسفة وشاب هوَ أخـوها يكبرها في عامين يدرس في كلية الحقوق .. السنة الرابعة وعلى أبواب التخرج .. 

دخل عليهمــا كونه قريباً من الأســرة علاقته برب الأســرة علاقـــة الأخ بأخيه لها مركزها المرمـــوق بينهما .. كان في عيونهمــا بقايا من دمع ممسوح بظــاهر اليد يُعرف من خلاله أن الحوار مشحون بعاطفة ممهورة بمحبة وتقدير 

قال لها أخوها : بعتب يلف كلماته .. أيجــــوز يا أختي أن تكوني تكلمت مع والدتك مثل هذا الكلام .. هيَ أمنا بكل الأحوال ... 

  أطرقـَتْ في الأرض برهة ثمّ نظرت إليَ بعـيـون يبللها بقايا دمع ثم قالت : بهدوء وروية .. يا عمـّي .. والدتي والــــدة رائعة تقوم بكل ما يعزز أمومتها وتحاول أن تكون الأم التي يجب أن تـُحترم .. ولكن ..

هناك إشكال بكيفية التعامل لــم تتفهمه والدتي وكذلك والدي ... والدينا مصـــــرَّان على أن نكون صورة طبق الأصل عنهما وعن تفكيرهمـا أي رأي يطرح من خلالي أو خلال أخي يرفض لأنه لا يتوافـــق مع قناعتهما .. حتى الآن وفي كــــلِّ مناسبة تـمر تبدأ الأسطوانة تعيد نفسها بأسئلة متلاحقة تؤكدها والدتي علينا ,,

ــ ألم أحملكما تسعة أشهر هنا .. وتشير على بطنها وكأنها تأسف لأنه حصل ؟ ..

ــ يكفي ألم المخاض الذي عشته عندما ولدتكما ..

ــ يا حيف سنوات العذاب التي عشناها من أجل أن تعيشا بشكل جيد أنا وأبوكما ..

ــ لقد وهبت عمري لكما .. أشعلت أصابعي شمعاً من أجل أن تصلا إلى الجامعة ..

ــ ملحي وملح أبوكما ليس له أثر فيكما

ــ كيف أعمل يا ربي كي أرى أولادي يفكران كمــــا أريد ويريد والدهمـا ويصيران مثلما نحلم أن يكونا ..؟ 

تكرار الأسطوانة يا عمّي جعلني أقف عندها كثيراً وخاصة بعد أن وصلتُ إلى هذه الحالة المعرفية التي أنا وأخي فيها .. 

عمّي , أرجوك أن تسمعني وتحاكـم بموضوعية ما أقول ... أولاً نحن لسنا أطراف خلاف مع بعض .. !

ــ ألست أنا وأخي من حقـــق لها غريزة الأمومة التي كانت تحلم بها ..؟ أليس لنـا دور بذلك وحققنا غريزة الأبوة لوالدنا .. طبعاً .. لا فضلَ لنا ولكن لنا دور بذلك ..

ــ حَمـَلتنا تسعة أشهر وخاضت تجربة الولادة وهي تفخر بذلك .. لأنها تحقق ذاتها وتحقق وجودها كأنثى وتحقق مهمتها التي وجدت من أجلها ..

ــ حليبها .. كان ماء الحياة لنا .. وكان لها السعادة عند رفعنا إلى صـــــدرها وقت الرضاعة وجمال تعلقنا به 

ــ سنوات العذاب التي قضيـــاها في تربيتنا كان فيها من الضنى ما يحترم ويجعلنا نقرُّ بحدبهما وعطفهما علينا ... ولكن يا عمي تعال نناقش الموضوع قليلاً ..

ــ إن لم نكن نحن في وجودهمـــا ولم يتحقق لهما إمكانية التعب علينا وخلق أسرة لتتم عملية الاستمرار في الوجود أكانت حياتهما سعيدة ؟ ..

حالات كثيرة لنا أثر كبير في وجودها لم يخطر على بالي وأخي أن نتكلم فيها ...

والدينا لم يتفهما قيمة وجودنا معهما حتى الآن ... من هنـــــا يظنـان كأننا طـــوع أمــرهما في كلِّ الأمــور ...

ألست ترى معي أنه يجب أن تكون لنــــا شخصيـّاتنا وتواجدنا نحن لأنه لي ولأخي دور قادم سيكون واضحاً لنا في تحقيق ذواتنا من خلال أولادنا وتحقيق وجـــودهم واستمرارهم في مجتمع سيكون بناؤه عليهم لا علينا ..

أرجو أن يتفهم والدينا دور كل واحد فينا في إثبات موجوديته واستمرار الحياة في مجتمع واع يعيش على احترام الذات واحترام الآخـر وإشراك القيمة في سلوكياتنا بتصرفاتها جميعاً .. 

سأل العم نفسه أسئلة حاكم فيها الحوار الذي سمعه فقال : في ســرِّه وتساءل ألا يجب أن يُحترمَ رأيُ هذه الفتـــــاة وأمثالها في مجتمعنــا .. ســأحاول أن أناقــشَ الأمــر مع صديقي بصراحة ورويـَّة ..

             ----------------------------------------------

              سمير سنكري


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عناق .. قصيدة للشاعر اليمني د. جلال أحمد المقطري

جنون قصيدة للشاعر د. جلال أحمد المقطري من اليمن

مع القافيه .. قصيدة للشاعر د. جلال احمد المقطري من اليمن