لهيب الهجر . قصيدة للشاعر د. محمد خالد الأمين
لَهِيبُ الهَجْر
قَدْ يَسْكُنُ الهَجْرُ مَنْ أَهْوَى أُعَانِقُهُ
مِنْ بَعْدِ مَا غَيّبَتْ رُوحِي مَلَامِحُهُ
وَكَمْ لَهُ مِنْ فَتِيلٍ فِي الهَوى لَهَبٍ
وَكَمْ لَهُ مِنْ وِصَالٍ لا يُقَارِعُهُ
هَجْرٌ يَرَى اللَّيْلَ مِنْ إِحْدَى نَوَافِذِهِ
فَكَيْفَ يَحْلُو بِهِ نَوْمٌ يُرَاوِدُهُ
فَإِنْ تَرَاكَمَتِ الأَسْبَابُ وَانْعَكَسَتْ
لَيْلًا ، سَتُؤْذِي وَلَا تَرْقَى مَرَاقِدُهُ
كَمْ لَيْلَةٍ غُصْتُ فِي الأَحْلامِ مُرْتَجِفًا
وَالحُلمُ فِي اللَّيْلِ قَدْ لَاحَتْ رَوَاسِبُهُ
تَسْتَلْطِفُ النّوْمَ أوْقاتًا إِذَا رَكبَتْ
أَطْنَــابُهُ عِلّةً ، سُنَّتْ مَخَـــالِبُهُ
كُلٌّ مَنْ ذَاقَ طَعْمَ النَّوْمِ مِنْ أَرَقٍ
يَسْرِي جُنُونًا وَقَدْ تَاهَتْ مَرَاكِبُهُ
إِنَّ السُّهَادَ الّذِي لَا يَسْتَحِي وَجَعًا
مَنْ يَطْلُبِ الغَفْوَ تَفْتِكْهُ مَخَاوِفُهُ
فَلَيْلَةٌ مِنْ سُهَادٍ لَوْ مَرَرْتَ بِهَا
كَقَعْرِ جُبٍّ وَلَمْ تُفْتَلْ حَبَائِلُهُ
إِنّي وَجَدْتُ دُمُوعَ العَيْنِ مُذْرَفَةً
وَالطَّفْحُ بِالخَدّ كُحْلٌ لَا يُطَاوِعُهُ
فَيَا لَهُ مِنْ فُؤَادٍ كُلَّمَا ضُرِبَتْ
أَعْمَاقُهُ، نَزَفَتْ فِينَا مَدَامِعُهُ
إِنّي كَوَيْتُ نُدُوبَ الجُرْحِ مُنْزفَةً
وَكُلُّ نَزْفٍ مِنَ الأوْصَالِ قَاتِلُهُ
وَالنَّفْسُ إِنْ لَظِيَتْ بِالهَجْرِ عَنْ كَثَبٍ
كَالفَحْمِ إِنْ أَهْمَلُوا شَبَّتْ مَشَاحِرُهُ
بُعْدُ الحَبِيبِ رَبَا وَالرُّوحُ مُكْتَئِبٌ
وَالبَالُ لَا يَرْتَوِي حَتى يُخَاطِبُهُ
وَمَنْ يَكُنْ مِنْ لِسَانِ الصِّدْقِ مَنْطِقُهُ
دَامَ الوَفَاءُ إِذَا طَالَتْ مَحَاسِنُهُ
وَإِنْ رَكِبْتَ بِيَمٍّ فَلْتَكُنْ حَذِقا
وَاحْذَرْ هُبُوبًا فَقَدْ تُؤذَى مَرَاوِحُهُ
د. محمد خالد الأمين
تعليقات
إرسال تعليق