خائفا يترقب ..نص للكاتب محمد حسان من مصر
خائفا يترقب
هل أنت إنسان؟
لو قلتَ: نعم،
هل تعلم معنى الإنسانية؟
هل تعلم أنك قد سُلبت إنسانيتك في زحام الحياة، ضاعت إنسانيتك تحت ظل الشعارات التي أصبحت آخر ما تركه الإنسان الحقيقي لمن يشبه الإنسان الآن، ترى إنسان اليوم يمضي في حياته خائفا يترقب، وإن كان موسى عليه السلام كان خائفا يترقب إلا أنه كان يعلم مما يخاف ومما يترقب، لكن إنسان اليوم لا يعلم مما يخاف ولا يعلم مما يترقب، لكن المحصلة أنه خائف يترقب، يشعر بالفعل ولا يعرف السبب، لأن الأسباب كثيرة ومتنوعة، ما بين حقيقة وزيف، ملموس وظل، ما بين جلاد الحياة اليومية وجلاد الإنسانية، فهو دومت في قلق في خوف ولا يعلم كيف يتغلب عليهما، لأن من حوله يريدونه دوما هكذا، فلو سألت إنسانا هل أنت كما تحب؟ تجده يفكر، فمجرد تفكيره معناه أنه لم يصل للإنسانية، الله عندما أنزل الإنسان على الأرض أعطاه كل أسباب القوة والضعف، لكن نجد الإنسان الأول لم يختر إلا أسباب الضعف، لأنها كانت أسهل له في تحملها، وفي توافق نفسه إليها، فالإنسان في أصله معوجا، وإلا فلماذا يتابع الله إرسال الرسل، والعجب مما نشاهده مثالا للاعوجاج أن الله خلق كونا فسيحا لكن لا يحلو للغير إلا اغتصاب ما اختاره البعض وأصلحه وعاش فيه، بدلا من أن يصلح مكانا جديدا ينشر فيه إنسانيته، حتى من يدعون الإنسانية يضعون قوانين تحمي أفكارهم لا الإنسانية، تحمي إنسانيتهم، لا الإنسانية، فتظل الإنسانية حبيسة الصدور لا تشعر بها إلا في سخونة النفس الذي يخرج من فمه يدل على حياة جسد إنسان لا صفات إنسان، فالجسد متوفر وما أكثره، أما صفات الإنسان فهي نادرة، وإلا ما وجدت العاهرة مكرمة، واللص واعظا، فالكل أعوج بطريقته في التقاط الإنسانية، يميل عن الإنسانية بقدر زاوية عوجه، منذ أن يولد الإنسان وهو ينادي ولكنه ينادي على نفسه، ولا يجيبه أحد، سنين ينادي على حاله، ولا أحد يجيب سؤاله، يطلب من الإنسان أن يتركه وقلبه الجافي فهو من الإنسانية خاوٍ،
فهو يدعو ربه خذني مني إليك، وامنحني نصيبي من الإنسانية لعلي أموت على صفة من الإنسانية.
بقلمي/ محمد حسان
تعليقات
إرسال تعليق