الأم . قصيدة للشاعر د. محمد خالد الأمين من المغرب
الأمُّ
****
كُنْتَ المَشِيجَ مُعَلَّقًا تَتَجَذَّرُ
تَقْتَاتُ مِنْ دَمِهَا وَمَا يَتَوَفَّرُ
***
مَا أنتَ إلَّا مُضْغَةٌ وَتَصَوَّرَتْ
مِنْ نُطْـفَةٍ عَبْر القَنَا تَتَطَوَّرُ
***
وَكُسِيتَ لحْمًا سَاتِرًا بِوِشَاجِهِ
لَفَّ العِظَـــامَ وَجِلْدهُ يَتَغَيّرُ
***
أَلَمٌ يُنَاوِرُها تَزَامُن حَمْلِهَا
كَحَمَامَةٍ مَكْسُورَةٍ تَتَضَرَّرُ
***
ذاقَتْ مَرَارَةُ حمْلِهَا فَتَجَلَّدَتْ
صَبْرًا وَكَانَ وَكِيلهَا المُتَدَبِّرُ
***
مَغْصُ الوِلادَةِ هَمُّهَا وَكَأنَّهُ
يَوْمُ العِقَابِ وَبَالُهَا يَتَحَصَّرُ
***
وَهيَ الكريمَةُ وَالحَنُونَةُ فيْضُها
عَذْبٌ مَرِيءٌ وَالفَسَائِلُ تُخْبِرُ
***
إِحْلِيلُهَا كَـرَمٌ وَلَيْسَ مَثِيلُهُ
في الكوْنِ طَعْمًا صَائِغًا يَتَعَصَّرُ
***
دَوْمًا تُرَاقِـــبُ مَا يَدُورُ جِوَارهَا
لَا العَيْنُ تَغْفُو وَاللَّيَالِي تُنْشَرُ
***
كَمْ قبَّلَتْكَ عَلَى الظِّلَالِ بَشَاشَةً
وَالفَخْر بِالفَحْلِ الوَلِيدِ يُبَشّرُ
***
سَهرَتْ بكَ اللَّيْلَ البَهِيمَ جَريحَةً
كُنْتَ السِّـراجَ لِلَيْلِها تَتَسَمَّرُ
***
أَنْتَ الْأَمِـيرُ وَلَا مَثِيلُكَ أُسْوَة
فِي عَيْنِهَا نَجْــــــمٌ سَنَا يَتَعَفَّرُ
***
كَانَتْ وِسَادَتُك الأبِيَّةُ رُكبَةً
فَتَطِيبُ نَوْمًا نَاعِمًا تَتَخَمَّرُ
***
العَهْدُ عَاتِقُهَا وَمَا غَدَرَتْ بِهِ
وَالنُّبْلُ تَاجٌ وَالوَفَاءُ يُقَطَّرُ
***
نَمَتِ العَرَائِسُ في مَنَابتِهَا وَلَا
تُثْنِي المُعِيقَاتُ النُّشُوءَ فَتُزْهِرُ
***
عَهْدُ الأُمُومَةِ لَا يَمُوتُ زَمَانُهُ
كَالبَدْرِ فِي زَيِّ التَّمَامِ يُنَوَّرُ
***
الوَرْدُ يَنْسَمُ فَائِحًا مِنْ حُضْنِهَا
وَالفَوْحُ مِنْهُ كَوْثَرٌ يَتَحَرَّرُ
***
أنْتِ الشِّعَارُ عَلَى النَّوَاصِي قُبْلَةٌ
مِنْ لَثْمِهَا تَزْهُو الرّيَاضُ وَتُنْضَرُ
***
لَايَبْهَتُ الرَّحِمُ الحَلِيمُ تَعَطُّفًا
مَا دَامَ قَلبُ الأمِّ لا يَتَجمَّرُ
***
أنْتِ الطَّهُورَةُ وَالبَتُولُ صَفِيَّةٌ
كزُلَالِ مَاءٍ دَافِقٍ يَتَفَجَّرُ
***
رَفَعَ الجَليلُ مَقَامَها وعُرُوشَهَا
أسْمَى سَمَاءٍ والرِّضَا يَتَقَرَّرُ
***
ضَوْءُ الحَكِيمِ زَهَا بهَا حتَّى غَدَتْ
نُورًا يُضيءُ دُرُوبَنَا وَتُطَهَّرُ
***
اِخْفِضْ جَنَاحَ مَذَلّةٍ فَلَعَلَّهَا
بَعْدَ الكَرِيمِ رِضَاؤُهَا مُتَصَدِّرُ
**********
د.محمد خالد الأمين
تعليقات
إرسال تعليق