مع الموتى . قصيدة للشاعر د جلال أحمد المقطري من اليمن
مع الموتى
الميتون كأنهم ما ماتوا
وبنو الحياةِ كأنهم أمواتُ
من ذا يُصَدّقُ يا منيةُ أنَّ لي
بالميتين وشائجٌ وصِلاتُ
أرواحهم عندي ، وروحي عندهم
وكأنما الأحياء هم من ماتوا.. !!
وكأنما الميلاد دفنُ الروحِ في
الجسدِ الخبيثِ ، وموتُها إنباتُ
أو أنهُ يا موتُ سجنُ الروحِ في
الجسدِ السجينِ وموتُها إفلاتُ
: أتظنُّ مفهوم النشورِ قيامةً
فرديةً ؟ أطغَى عليك القاتُ !؟
ما القبرُ إلا الجسمُ ؛ ما لم تنطفي
شهواتُهُ وتُميتُهُ الشهواتُ
ويكون روضتكَ التي تسمو على
الشهواتِ إنْ تسمو عليه الذاتُ
شتَّان ما بين الترابِ وبينهُ
إنْ كان طيناً أو أوتهُ حياةُ
وقيامةُ الأمواتِ ليس خرافةً
ولها على عِلّاتها عِلّاتُ
والفرد في المجموعِ يفنى تارةً
فتذوب في ذرّاتهِ الذرّاتُ
: أسْمعْتَ حيّاً يا ابن أمَّ ؛ فمن ترى
أصغى إليكَ وقادهُ الإنصاتُ !؟
ألْقَيْتَ في قلبي طفورَ حقيقةٍ
لو قلتُها لتفجرت ثوراتُ
ولرُحتَ تشهدُ في الوجودِ قيامةً
كونيةً عَرَصاتُها عَرَصاتُ !!
فاصمت فإنكَ ميّتٌ واترك فمي
حتى تطاوعَ وحيَكَ الكلماتُ
إنّ الحقيقةَ لا تكون حقيقةً
إلا إذا ألْقَتْ بها الطفَراتُ
ما زلتَ تسكبُ يا « ابن نخلةَ » في فمي
ما لا تنوء بحملهِ الأبياتُ
فاسكب ودعني أحتسي دفقاته
حتى تحققَ نشوتي الدفقاتُ
وأصيرَ صعلوكاً خطيراً راقياً
إنْ قال شيئاً قامتِ الغزواتٌ
وتفجرَتْ في كلّ قلبٍ ثورةٌ
وتحرّرتْ من أسرها الأصواتُ
من كانت الأعداء خلف ضلوعهِ
ما وزنُهُ إنْ قامتِ الجبهاتُ
والشَعبُ إنْ لم يتّحد بزعيمِهِ
ويذوب فيهِ تُميتُهُ النعراتُ
ويصيرُ عبداً للظلامِ فلا يرى
نوراً لأن ملوكَهُ حيّاتُ
: ها أنت قد أسْمَعتَ فاصمت قبل أنْ
تطغَى على تقريضِكَ الشطحاتُ
والشِعر أمهرُ ثائرٍ إنْ قالهُ
فَذٌّ وأبدع صحوهُ قَنّاتُ
وانصِتْ فإنكَ مَيّتٌ إنْ لم تكن
أصغَى لِمَا توحي بهِ الأمواتُ !!
د. جلال أحمد المقطري
ُ
تعليقات
إرسال تعليق