درب القوافي .. قصيدة للشاعر السوري سليم عبد الله بابللي

 درب القوافي 

بقلمي:  سليم بابلي

من البحر الخفيف 

............................ 

ما ببالي نحو الهوى لا تُبالي 

بالتأني طاعَ الهوى للرجالِ


و انحنتْ


أطياف المنى بامتثالٍ

كانحناء الساقي لأهل المعالي 


للهوى مغتاحٌ إذا جِئتَ ودّاً

نِلتَهُ ترحيباً و دونَ اقتتالِ


بعضهم من ظن الهوى في قلاعٍ

أو ترامى بُعدَ المدى و المُحالِ


إن بدت أحوالي لِعَينٍ يميناً

قد تراها عينٌ أتت عن شمالي


ما أضاءت دربَ القوافي شموع 

أو نَمَتْ إلا من ظلام الليالي 


يا فؤادي لونُ المنى في خُطانا

ما تعالت نادت بحزم تعالي


إن تعافت أركانُها و اسنقامت 

تعتلي فخراً لأركان الجمال 


مِنْ سُمُوٍّ لا من عُلُوٍّ تعالت

لو تخَلّت حقّ الذُّرا في التعالي


ليس شِعراً ما للقوافي يجافي

لو طغى أوزانا بفيضٌ اعتدالِ


(غيرُ مُجدٍ في مِلّتي و اعتقادي) 

قولُ شعرٍ دون امتثالِ المثالِ


قولهم شِعرا ما حمى ما تدنّى 

من مقولٍ لا ينتمي للمقالِ


التزام الشعر الفصيح التزام

فاض زهواما يحتوي من خصالِ


ما لفوضى شرعُ القوافي ينحني

بل كسيفٍ في وصفنا أو هلالِ


طبعُها إعجازٌ و ما العيب فيها 

إن تهاوى نظم القوافي الثقالِ


بعضُهم من حارَ الرؤى في كلامي

قيلَ تُملي جِنّيَةٌ شِعرها لي


بيدَ أن الجِنّ الذين استخاروا 

ما لهم بُعداً أو غِنى عن سؤالي 


يا عيوناً مأخوذة في كلامٍ

ما أزاحت أبواقُهم لانحلالِ


شِعرنا يرتقي دَوماً في شُموخٍ

في بديعٍ يروي بديعَ الخيالِ


أبحُرٌ قد فاضت و زادت يقيناً

قاربت جِداً من حدودِ الكمالِ


عِش ربيعاً بين القوافي جميلاً

زادها عشقا مُثمِراً ذو الجلالِ


مِن حُطامٍ قامت جراحٌ لتبني 

للأماني صرحاً بحجم الجبالِ


يا ليالٍ بانَ الضّحى لونَ دربي

عارضاً لي وديانَها في التلالِ


أحزنتي تلك التي أشغلتني 

في فراغي و استنكرت لانشغالي


قد يكونُ البعدُ المغَطى دلالاً

إن نجت رمحي ما نجت من نبالي


يا وصالاً زادَ التمنّي وصالاً

عاشَ دهراً ثُمّ انطوى في الخيالِ


لا اندفاعاً مُدَّت يدي أو دفاعاً

إذ رأيتُ المها سعتْ لاحتلالي


ملء عين الحلم الذي عاش فينا

يا زمانا أقصى نداء الزوالِ


طيفُها ما جاء حالاً في جمالٍ

طرفُها مرصودٌ و صعبَ المنالِ


كل احلامي في الضحى أحجياتٌ

حاكها ديجور الأسى للوبالِ


ضاع وجدي بين النّوى و التّروّي 

من دلالٍ أنهى حدودَ احتمالي


لا يقتضي منها سِوى ردّ طَرْفٍ

إن أرادت ذاتَ الدّلالِ اغتيالي


رَبَّتَتْ دمعاً مِن عيونٍ تغافت

لي و حالي في مِريةٍ ما وحى لي


أسفرت آهات الليالي جراحاً

مِن عِتابٍ طيَّ السنين الخوالي


ذاتَ غَمزٍ سَرَّ الهوى سِرُّ عينٍ

في رموشٍ قُدَّت لها من نصالِ


أين مني ما للهوى من فروضٍ

يا ليالٍ ضاعت قِرى  للنوالِ


كم بدا لي يعسوبُ حظّي لطيفاً

حال سوراً بيني و بين السلالِ


يا طموحاً أهدى فؤادي جبالاً

مِن حبالٍ لا تلتقي في حبالي


عُروة السلوى تنتهي بانقضاءٍ

بينما النجوى تصطفي للغوالي


ذاتَ نجوى حدثتُها عن غرامي

زاد قُربي بُعداً لما للوصالِ


ياحروفاً جولاتها في مداري

اجعلي الدنيا روضةً مِن خِلالي


دُمتِ ذُخراً من رونقٍ للمعاني 

فاستزيدي عندَ التمني لِحالي


عَصرُ عَصرٍ لا يستحي من قِطافٍ

إن تدلى عنقودُ تلك الدوالي


أيقظَ المغرورُ الذي هامَ وهماً 

كُلّ أسرابٍ قُيِّضَت للجدالِ


سليم عبدالله بابللي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عناق .. قصيدة للشاعر اليمني د. جلال أحمد المقطري

جنون قصيدة للشاعر د. جلال أحمد المقطري من اليمن

مع القافيه .. قصيدة للشاعر د. جلال احمد المقطري من اليمن