يا غائبا . قصيدة للشاعرة رفا الأشعل من تونس
يا غائبًا ..
يا ظالمًا ..إنّ ابتعادك موجعُ
ويضيقُ إِذْ غبتَ الفضاءُ الأوسعُ
طيف الضّيا يعشى العيونَ بنورهِ
يجلو ظلام الكون لمّا يطلعُ
البدر يستضوي بنور جبينه
ذاك الّذي في خافقي يتربّعُ
مولاي صار الأنس بعدك وحشةً
كلّ الأماكن في غيابك بلقعُ
وجلستَ سلطانًا على عرش الهوى
والقلب ممتثلٌ .. تقول فيسمعُ
يلقي السّلاحَ وفي قيودك يرتمي
قلبي .. وكنتُ أظنّهُ لا يخضَعُ
حزتَ الوقارَ وهيبةً وملاحةً
وجمال روحٍ .. لم يشبهُ تصنّع
هذا البهاء سجيّة وطبيعةً
فيكم .. وما شاب الخصالَ تصنُّعُ
يا غائبًا مازلتُ مُذ فارقتهُ
مترقّبًا أخبارهُ .. أتطلّعُ
ليلي يطولُ .. ظلامهُ لا ينجلي
وسهرتُ تؤنسني النّجومُ الطّلَعُ
ويحي لقد قامت قيامة خافقي
ويحلّ بي ما لم أكنْ أتوقّعُ
كلّ الأمورِ إلى مرادك تنتهي
فالعمر ينثرُ في يديكَ ويجمعُ
نارٌ من الأشواقُ تكوي أضلعي
صبري تخرّ سقوفه .. يتزعزعُ
والعين إذْ وجَبَ الوداع وجدتُهَا
مطرتْ غمامتها بدمعٍ يهمعُ
وأقول يا نفسُ اصبري .. فتجيبني
قدْ بعثرتْ صبري الرّياحُ الأربعُ
حَتَّى إذا عنّي ابتعدتَ مجافيًا
قلبي العنيد عن الهوى لا يرجعُ
والطّيف أمسى لا يفارق خاطري
يجلو الدّياجي نورهُ المتشعشعُ
مُذْ غبت ودّعَتِ السّماءُ نجومَهَا
فمتى تعود .. وألف نجمٍ يسْطَعُ
فيصيرُ ليلي كالنّهار ضياؤه
وكأنّ أفقي بالجمانِ مرصّعُ
ويطلُّ في قلبي ربيع ساحرٌ
من بيلسانٍ عطرهُ يتضوّعُ
إنّ الزّمانَ لباخلٌ فإذا سخَا
يعطي ويذهلنَا بما قدْ يصنعُ
ما نفعُ عمرٍ في غيابكَ ينقضي
كلّ الزخارف لا اراها تنفعُ
حتّى إذا عنّا صرفتمْ خافقًا
قَدَرٌ يخبُّ به الينا .. يرجعُ
مهما مسافاتٌ تفرّقُ بيننا
سرٌّ .. لروحينا أراهُ يجمعُ
من دنّ حبّك قدْ رويتُ محابري
والحرفُ باحَ بما تكنُّ الأضلعُ
بقلمي / رفا الأشعل
على الكامل
تعليقات
إرسال تعليق