سجن بلا قضبان .. قصة قصيرة للكاتبة سهى زهر الدين
(سجن بلا قضبان)قصة قصيرة
حين تسلّلت الشمس نحوها، وانغمست في دفء كوبها المتغاوي كما كل صباح، جالستها بصمت. بحرارةٍ عالية، شعرت بها عندما تعرّقت أناملها حبًّا.
أخذت هاتفها، وجالت في أماكنها المقدّسة، فشعرت بقشعريرة تسري عند زوايا رمشها.
رنينٌ متقطّع، كأنفاسها...
بصوتٍ حازم، فضحته دلالُ رنّته الخجولة:
– ألو؟
– نعم... ربما... حسنًا...
أغلقت أحلامها، وانكبت تهيم بنظرها إلى فضاء يشبهها. تمرّد ثغرها، وتَساقطت بقايا شعرها المخنوق عند أعالي رأسها.
أنهت زينتها. قليلٌ من الورد على خديها، وأخفت بقايا الليل بقليلٍ من بودرة أنعشت الظلام حول عينيها.
عندما وصلت إلى المحكمة، كم كرهت بوابتها. شعرت بأنها ستدخل سجنًا، مع العلم بأنها ستخرج من سجنٍ أكبر.
دخلت قاعةً كبيرة، كم كانت ضيّقةً على أنفاسها!
سارت... جلست... لم تستطع سماع شيء، وكأنما أذناها تخلّتا عنها في هذا الوقت.
تنحنحت...
سألها القاضي:
– هل أنتِ مصرّة على الطلاق؟
قبل أن تفتح فمها لتُعيد الروح لمجد أحلامها، شعرت بأجنحة بدأت تنبت عند أطراف آمالها.
بخجلٍ، ممزوجٍ بدمعِ الصبا، قالت:
– نعم...
هدوء... ربما ضجيج... ربما عويل...
روحها ما عادت تنتحب قربها.
أتاها صوتٌ قريب، كم كان بعيدًا:
– أنتِ طالق.
كآلة تحوّلت إلى عصفور.
خرجت مُهرولة نحو اللاوجود.
كل ما تحمله في حقيبتها:
سوارٌ تقطّع، كان يُزعجها،
وبقايا سجائر كانت تخنقها.
خرجت... غابت... أعتقد بأنها طارت... واختفت...
ولم يبقَ منها سوى قارورة عطر، قرب فنجانها المُدلّل.
سهى زهرالدين
تعليقات
إرسال تعليق