زمن الصلابة .. قصيدة للشاعر السوري محمود علي علي
زمن الصبابة
""""""
ماكنت أهوى جمع أموال ولا
قد لذّ لي أكلٌ ولبس الفاخره
طبعي غريبٌ عن رفاقي في الهوى
أهوى الغوانيَ والعيون الساحره
بيني وبين الحب معترك وما
خارت قواي ولا خشيت مغامره
ليلي كليل العاشقين قدومه
فيه المودّة بالمحافل عامره
فقصٌ ورقصٌ والسرور يلفّنا
ليلاي دوماً في رحابه حاضره
هي غادة دان الجمال لحسنها
سلبت فؤادي بالفتون الآسره
فرموشها كسهام قوسٍ صوّبت
ترمي إذا انطلقت طيوراً طائره
وعيونها عين المهاة بربوة
وجبينها بدر الليالي الداجره
وقوامها الفتّن سرّه من رأى
كقضيب بان في ربوع زاهره
يعلو على حقف تربّع في الربى
أعلامه تهدي عقولاُ حائره
إن هزّه ريح تمايل وانثنى
يهمي عطوراً يالها من عاطره
تهتانها يسقيك من طيب اللمى
يشفيك من سقم الليالي الجائره
فارشف من الخمر الذلال فإنّه
خمر تعتّق من كروم أباطره
ورشفت منه عهد ريعان الصبا
والعود غضٌّ ما بلغت العاشره
إنّّي الملوع في الهوى وهي التي
نصبت شراكاً بل وكانت شاطره
فكتبت فيها ما ينمّ بخاطري
لمّا تراءت يالها من خاطره
بدري منير والنجوم طوالع
إن غاب عنّي أستعيد الذاكره
أهواه منذ نعومتي وهو الذي
ماضنّ في ليل عتا بمسامره
لم لا يكون وإنّني الصبّ الذي
حفظ المودّة من عهود غابره
داريته بالرمش من حسّاده
وحفظته من لحظ عين غادره
نادمت فيه أحبّتي صرف الهوى
ورشف خمراً من كؤوس دائره
نامت عيوني غفوة فرأيته
قد دقّ بابي طيفه بمبادره
يوم التقينا خلته الطفل الذي
يحبو بمهد قد بدا كالدائره
إنّي أراني قد شغفت بحبه
وعليه أطبقت العيون الفاتره
واه على زمن الصبابه في الهوى
ماكنت أحسبه كديم عابره
ها قد أتمّ مداره زمن الصبا
إذ عاد أوله يحاكي آخره
فالشيب كلّللني وأرّقني الجوى
وحفيظتي محفوظة بالباصره
ستون عاما قد مضت وكأنها
يوم وليله بل ثوانيَ قاصره
زمنٌ تقضّى ما له من عودة
والوهن أقبل والعزائم خائره
وأنا أراني في الحياة مطبّل
ومزمّ بالحشر يوم الآخره
بقلمي ـ محمود علي
تعليقات
إرسال تعليق