أشراخ. قصيدة نثرية للشاعر السوري مصطفى الحاج حسين
* أشراخ..*
شعر : مصطفى الحاج حسين .
وحدُكَ تتعبّدُ خطاياكَ
تمضي في أرجاءِ الهروبِ
تسيّجُ خطوتَكَ بالمديحِ
وتلعنُ قامةَ الدّربِ
عنقُكَ تسبلهُ على سكينٍ
تنهمرُ ارتعاشاً
على حافةِ الجـُـرحِ
من دمِـكَ تعرّيتَ
صارَ اسمُـكَ ناصعَ الانحناءِ
والرّيحُ على الجـَـمـرِ
كَوَت انشداهَ الرّوحِ
رمّدتَ لهاثَـكَ
تبرّدتَ بالغبارِ
طوّحتَ بظهرِكَ للهاويةِ
وجئتَ بلا محيّا
سكنت وجهَـكَ السّهوبُ
بمقلتيكَ الجَـحيمُ اختبأت
توزّعتَ على عنقِكَ
شَربتَ الوريدَ
آلامَـكَ مضغتها
ورحتَ تجترُّ الانكسارَ
عبثاً أن تختفيَ في جوفِكَ
والنّبضُ بالرعدِ ينوءُ
وهذا الانكفاءُ نعشُـكَ
ترتدُّ من حيثُ الجِـهاتُ انغلقت
حاصرتكَ النّداءاتُ
الذكريـاتُ مرايـا
فأبصر ملامحَ منكَ تداعت
وهتافاتٍ كوّنها الاختناقُ
ماذا تقولُ ؟
وأنتَ مَن حاربَ الرّدةَ
وشرّعَ التّحاورَ
كنتَ تستبقُ النّبعَ لإروائِنا
لاحتضانِنا تنافسُ الدفءَ
وإذ نجوعُ
تصطادُ لنا المستحيلَ
فمن علّمَكَ الانطواءَ
لتلتفّ حولَ انكماشِك ؟!
كيفَ اقتحمَكَ الشّرودُ ؟
وأنتَ إذ تعتكفُ
تفاجئُنا بالحلولِ
فهل ماتت نيـّاتـُـكَ
أم أفزعَكَ التّرهلُ ؟!
ما أنـتَ بالعبثيِّ فتحيدُ
ما بالخائنِ أنـتَ
فكن واضحاً للدّروبِ
انهج مسارَ الشّهيدِ
أمطْ لثامَ المخاوفِ
إنهض من شتاتِكَ
لا يريحُكَ التّفرجُ
فانتفضْ منَ الهواجسِ
جابِهْ وجهَـكَ واْشهر رؤاكَ
صرنا من أيادينا نرتعبُ
نتجسّسُ على خطانا كي لا تنفلتَ
حيارى نحنُ
بين تربّصِنا والجنوحِ
بكاؤنا ماذا نسمّيهِ ؟!
والبلادُ التي تلجُ المقابرَ
زوّدتنا بالوقتِ كي نفيقَ
كلُّ هذا الضّياعِ لاختلافِنا
على منصبٍ من فراغٍ
نتهمُ العابرينَ مخبرينَ
وننسى انقسامَنا
جزّأتنا السّياداتُ
باسمِ التّطرفِ التّعقلِ
التّجددِ والثّباتِ
قهقَهَ السّوطُ
الذي علينا يلتفّ أفعى
زغردَ الدّجى
فارتجل ميلادَكَ الأبديَّ
وحّد أصابعَنا في الكفِّ
لنرسمَ خلاصَ البلادِ
لا رفيقٌ إلاّ أنتَ ..
لا أنصارٌ إلاّ نحنُ
فانبثق من عنادِنا
متوّجاً بالأفقِ *.
مصطفى الحاج حسين .
حلب..عام1986م .
تعليقات
إرسال تعليق