العبير. قصيدة للشاعر السوري حسن علي المرعي

 . .  الـعَـبـيـرُ . .

على الفُنـجانِ أشـواقي تـدورُ

وتبحـثُ لو تباعـدَتِ السُّـطورُ

لعـلَّ بـوحي فُنـجاني ضـميراً

إذا مـا كانَ في اللُّـقيا ضـمـيرُ

رُســومٌ  لا تـشـي  إلّا  بـهـجْـرٍ

وسِـحرٌ بالطَّـلاسِـمِ يسـتطـيـرُ

مسـائي والسَّجائـرُ  والأمـانـي

بِـلا  بُـشـرى  لِـلُـقـيانا  تُـشـيـرُ

دوائـرُ بالدُّخـانِ مَـلأْنَ عَـيْـنـي

ويبـقى وجـهكِ الأمـلُ الأخـيرُ

يُسائلُـني بصوتِـكِ وهو يـدري

بأنَّ  العُـمـرَ ـ لـو أبـداً ـ قَـصيرُ

وأنَّ  مَــرارَهُ  مــا  طـــالَ  إلّا

حـبـيـباً فـيهِ تَحـتَكِـمُ الأُمـورُ

وأنَّ بـلاغَـةَ الـعِـشْـقِ ارتـحـالٌ

لقلـبٍ  بـالمَـشـيئةِ يـستجـيـرُ

ووحيٌ من كتابِ الرُّوحِ يسعى

بـهِ جِـبريـلُ عَـيْـنِـكِ  لـو يـزورُ

على بُـعـدٍ  ويـحمـلُني عـبـيـرٌ

إلى أنْ فـوقَ  فُـلَّـتِـكمْ أصـيـرُ

أمِـنْ عِلْـمٍ  ويـسـألُـني جـوابـاً

أمـا في العقلِ تُعتَقَلُ الخُمورُ؟

شُعاعُ الحُبِّ خَـمرُ اللهِ وحـيْاً

إذا عَتِـقَ الجَّـنى نَطَـقَ الأثـيرُ

أما للعينِ في النَّبضاتِ فِعلٌ؟

وما للـقلـبِ في نَـظَـرٍ نـظيرُ؟

أمَا والرُّوحُ لا تـرضى فِـصالاً

إذا مـا آنـسَ الظَّـبـيُ النَّـفـورُ

هي الأرواحُ بالمَـولى تلاقَـتْ

ونحنُ هـناكَ جمَّعَـنَا المصيـرُ

وما الدُّنيا وقد أكلَـتْ شبابي 

سوى ذِئـبٍ وصاحـبُهُ ضَريـرُ

ويعوي ليس من سَـغَبٍ ولكنْ

دِمـاءُ بـلاءِ أهـلِ  الـنُّـورِ  نـورُ

فـلا تسترجـعي زمَـناً تعـافـى

منَ اللّآتـي بما حَكَـمَتْ تجـورُ 

ولا تستنْصـري  عَـبَثَ  اللـيالـي

فقلـبي رَغْـمَ مَـنْ شَـرِبوا كبيـرُ

فإنْ مَـنَـعَتْ خُدودُ الوردِ عِطراً

وما نفـحَـتْ أيُـتَّـهَـمُ الشُّـعورُ؟

فما مِـنْ وردةٍ شَـبِـعتْ شَـميماً

سوى مَنْ ليس في دَمِـها عبيـرُ

وهل تحلو النُّجومُ  بغيرِ  شَعرٍ 

بـهِ مِـنْ هَمسةِ النَّجـوى بُـدورُ 

يَخَـفَّ غُروبُ  خدَّيْكِ احمراراً 

بـما وحـيُ القصيدةِ  يستـعيـرُ

إذا ما حالَ  دونَ  الوصـلِ أمـرٌ

ولا أحظى بِما يـحظـى السَّريرُ

فَـهاتي ما بِِـثَـغـرِكِ مِنْ رُضـابٍ

وبـينَ حـمامِ ســوريّـا نـطـيـرُ

ــ الطَّلاسِمُ: هي الأشكالُ والعِباراتُ التي يستخدمُها السَّحرةُ

ــ النَّظيرُ: الشَّبيهُ

ــ السَّغَبُ: الجُّوعُ

ــ الرُّضابُ: الرِّيقُ

الشاعر حسن علي المرعي ٢٠٢٢/١١/١٧م