سر الحياة .. قصيدة للشاعر د. محمد خالد الأمين من المغرب

 سِرُّ الحياةِ 

أنْــت المُنى وفؤادِي فَاضَ يَنْسَكِبُ

...... والحبُّ أنت ولا كُرهًـــا وَلوْ نَسبُوا

نَبْضُ القلـــوبِ نزيفٌ بَينَ أجْنحةٍ

..... يَـكْوي الشَّرايِينَ مِنْ وَجْدٍ إذا كَئِبُوا

فيكِ الدَّلالُ الـــذِي أحبَبْــــتُه ذَهبًا

...... لا تَصـدَئِين سُلوكًـــا ليْتَهُم حَجبُوا

بيْن الضُّلوع دَلِيلٌ صِيغَ مِنْ مُتنٍ

...... يَتْلو خِطابًا وَمَــــا عُشّـاقه رَسبُوا

والنُّبْلُ يُهْرَقُ منْ أوْدَاجِ أفْئِــــدَةٍ

..... صِدْقًا وَمِنْهُ اسْتَفاضَ العِلْمُ والأَدَبُ

إنَّ الحَيـاةَ رحيقٌ من صَفا عسلٍ

....... وَالكُلُّ في جَبْحِــها لَاهٍ وَمَا تَعبُوا

إنْ فاتكَ العُمرُ لا تبْكِ الحَياةَ وَمَا

...... دامَــتْ لِذاكَ وَذاكَ النّجْــم يَنْتَسِبُ

وَقَدْ نَشَرْتُ مشيبَ الرَّأسِ أفْرِشَةً

...... حَتَّى يُوَارَى رَمَادُ الزَّمَا ويَجْتَنِبُ

من يا تُرى يَقْتفِي رِزقًا ويُدركُه

..... والقُـوتُ كافِــــلهُ ربٌّ لــهُ الرُّتَبُ

سمّ ُاللســــانِ عَلى طرْفيْ مَنابِتِهِ

.... يُدمِي جروحًا كآلِ الجَوْر لوْغضبُوا

بَين السُّطـور حروفٌ مِنْ نَدَا كذبٍ

...... تَرْنُـــو سرابًا وهَلْ قُرَّاؤُها نجبُوا

طُغيانُ نَاسٍ وَلكنْ لا عُقولَ لهُمْ

...... إِلَّا الجَهالَة فِي أحْواضِها العَطَبُ

عبقُ الأنَامِ نســــــيمٌ تَحتَه عَفَنٌ

...... يَهفُو خِداعًا ومـــا وُلّاهُهُ حسبُوا

والذُّلُّ كُحْلُ الأَسَى شَطَّ الضِّياء بِهِ

.. وَالخَلقُ ضَاقَ الأَذَى والعَدْلُ محْتَجَبُ

والنَّاسُ في غفْلةٍ مِنْ كُلِّ مِصْيَدَةٍ

..... فَالوَرْدُ منْ تحْتــــهِ شوْكٌ بهِ لهَب

ترَمَّلَ الدَّهْرُ حتَّى نَـــــاح أذْرُعَهُ

...... بِالغَدْرِ شُلَّتْ ومنْ أَفْعالِهَا الخَرَبُ

يرْجـونَ بالعَدْلِ نُورًا يهْتَدونَ بهِ

..... فَاسْتَحْوَذَ البَغْيُ وامْتدَّتْ بِهِ النُّخَبُ

يا أيُّهَا النَّـــــازِحُ المُنْفَى خلِيَّتُهُ

.... كَيْفَ الفِطَامُ وثَدْيُ الحُضْنِ مغْتَصَبُ

كَمْ لَيْلةٍ قد سَهدْنا والجُفونُ بِها

..... لمْ تَحْجُبِ الغَمَّ والأَنْفَاسُ تَضْطَرِبُ

وَالليـــــلُ يَشْهدُ لي أنِّي أرَاودُه

..... بالدَّمْع حتَّى يَخِرَّالشوقُ وَالوَصَبُ

لَيْلٌ لَبِسنَــــاهُ لمْ تُسْدَلْ سَتائِرُهُ

...... وَالفَجْرُ في نَعْشِـهِ لا حَوْلَ يَنْتَحِبُ

كَمْ آمِرٍ بَيْنَ مَوْجِ الظُّلْمِ راكِبُهُ

...... فاليَخْتُ مَهْمَـــــا بَهَا غَيًّا سَيَنْقَلِبُ

إنَّ الحَياةَ وفاقُ الرُّوح في جَسَدٍ

...... وَالمَوتُ قبرٌ سيُفنِي كلَّ مَا نصَبُوا

يَوْمًا تَعُضُّ الثَّــرى والكُلُّ ذَائقُهُ

...... مهمَـــــا سَرَحْتَ فأمرُ الله يُحْتَسَبُ

نَجْرِي تِباعًا وَنفْنى في مَقَابرِهَا

.... مِثل الرِّيَـاحِ عَلى موْجٍ سطَا الْغَضَبُ

إنْ لم تُواكِـبْ حياةَ العلمِ مِنْ نُظمٍ

..... تَبقَى حَنونًا إلى المَــاضي وتَرْتَقِبُ

وَبِالحُروفِ إِذَا الأَفْكـــــارُ نَيِّرَةٌ

.. فِي خَيْمَةِ الشِّعْرِ يَزْهُو الذَّوْقُ والحَسَبُ

أقْفَيْتُ نَظْمًا بإِجْلالٍ سَمَا وَهَجًا

..... والشِّعْرُ لمْ يُمْحَ مَهْما طالَتِ الحِقَبُ

د.محمد خالد الأمين